أكد المناضل الجسور العميد "علي صالح الطيري" بان للحواشب إسهام فاعل وكبير في إشعال وتفجير ثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة عام 1963م، كما أن لهم صولات وجولات وبصمات متعددة في إحراز النصر وتحقيق منجز الإستقلال الوطني عام 1967م، فضلاً عن أدوارهم الوطنية وتضحياتهم الجسيمة من أجل الوطن في مختلف المحطات والمنعطفات التأريخية التي مر بها الوطن، في هذه المساحة يتحدث الينا المناضل العميد "علي صالح الطيري" وهو أحد جرحى الثورة الأكتوبرية الحواشب عن حثيثات المعارك ومفاعيل النصر الأكتوبري المؤزر، شارحاً تفاصيل مشاركة ابناء الحواشب الفاعلة في مرحلة الكفاح المسلح إبان ثورة 1963م وفي صنع وصياغة المجد الجنوبي، فتح أبواب الحوار مع هذا الثائر الأكتوبري لنزيح جزء من سحاب الإقصاء والحرمان والتهميش المركوم على شريحة المناضلين الأفذاد من صناع الفجر والشعاع الأكتوبري المجيد فهاكم أعزائي حصيلة هذا اللقاء.
حاوره / محمد مرشد عقابي:
*أولاً نحب أن تعرف القارئ عن شخصك الكريم؟*
- علي صالح الطيري الحوشبي، مكان وتاريخ الميلاد مديرية المسيمير الحواشب محافظة لحج، عميد متقاعد في القوات المسلحة، متزوج وأب لخمسة أبناء 3 ذكور و 2 إناث.
*أبرز محطات علي الطيري النضالية في مقاومة المستعمر وإنهاء حقبة الإحتلال البريطاني؟*
- في الحقيقة هناك الكثير من المحطات النضالية والكفاحية المسلحة التي مرت عليا طوال مشاركتي وخوضي مع زملائي المناضلين من أبناء الحواشب أمثال الشهيد المناضل عباس رضوان الحوشبي والشهيد المناضل عواس الحوشبي والشهيد المناضل ربيح الحوشبي والفقيد المناضل الجسور محمد أحمد نجيب والفقيد المناضل علي الأمير والفقيد المناضل محمد غالب السروري والفقيد المناضل علي فضل الفجاري وغيرهم من الرجال الأبطال الذين قدموا التضحيات في سبيل تحقيق الثورة ولا يتسع المجال لذكرهم، حيث كنا نشارك في جبهات القتال ضد المحتلين ونظل نترصدهم لهم في الجبال والشعاب والوديان ولايوجد بحوزتنا إلا بعض الأسلحة الخفيفة والزاد اليسير، وكانت تمر علينا أيام ونحن متمركزون في جبال سيلة بلة ومخران ووروة وجبل مناعة من دون غذاء، وكنا نتقسم بشكل مجموعات فوق قمم الجبال وعلى الروابي والتلال، كماكانت مجاميع المناضلين من أبناء وادي الفقير وعيانه هم الحصن الواقي لنا الذي يحمي ظهورنا من غدر المستعمر، وكانت السلسلة الجبلية الممتدة من جول مدرم حتى الدكم يتحصن فيها المناضلون الحواشب بهدف تضييق الخناق على المحتل وإجباره على الإستسلام، والحديث عن الكفاح المسلح في جبهة الحواشب الشرقية والغربية وردفان يطول ويتطلب جهداً واهتمام كبير ولا تفي مثل هذه المساحات الموجزة بسرد وتعريف الناس بالتأريخ الذي بات معظمه ضائعاً ومغيباً نتيجة التهميش الذي طال صناعه، كما ان الأحداث التي شهدتها تلك الجبهات التي دارت في رحاها معارك دامية بين الثوار والقوات العسكرية البريطانية سقط خلالها الشهداء والجرحى، ناهيك عن الحملات العنيفة التي انتهجها المستعمر في جبهة الحواشب الشرقية والغربية من خلال استخدامه الطيران وغير ذلك من العمليات العسكرية العدائية.
*حدثنا عن الحواشب وإسهامات ابنائها في مختلف الأصعدة النضالية والثورية؟*
- الحواشب تعد جبهة حية وفي ذلك الوقت لم تكن تقل شأناً عن جبهة ردفان ولأبناء الحواشب تاريخ مضيء ومشرق فهم كانوا ولايزالوا في طليعة المناضلين وفي مقدمة الصفوف على أكثر من صعيد وجبهة، ولوا استحضرنا ثورة ستينيات القرن الماضي سنجد بان الحواشب قدمت قوافل من الشهداء والجرحى انتصاراً للوطن حيث سقط الكثير من أبطال الحواشب شهداء وجرحى خلال الثورة الأكتوبرية المجيدة عام 1963م والتي اجتثت براثن المحتل الإنجليزي ونتذكر موقعة منطقة حلحال التي سقط فيها العديد من المناضلين شهداء إثر مواجهتهم لعملية إنزال جوي قامت به القوات البريطانية لغرض إقتحام ثكنات كان يتحصن بداخلها مجموعة من الثائرين، بالإضافة الى معارك منطقتي "بله والمطلاع" التي سقط فيها العشرات من الشهداء والجرحى الحواشب اثناء تصديهم لحملة عسكرية قادتها القوات البريطانية المحتلة لمداهمة المنطقة وجوبهت هذه العملية العسكرية بالتصدي من قبل المقاومين الأبطال، ونتذكر هذه المعركة كأشهر مواجهة سقط فيها ثلاثة شهداء بارزين من بينهم الشهيد البطل عباس رضوان الحوشبي هذا الفدائي العظيم والمقاتل الشرس الذي اعتقل من قبل قوات الإحتلال عديد من المرات وزج به في سجون وزنازين إنفرادية على خلفية مواقفه الثورية المناهضة للإستعمار البريطاني، وتاريخ نضال الحواشب طويل ويحتاج الى إنصاف الباحثين والكتاب والمؤرخين لإعادة صياغة وكتابة تأريخ الثورة بكل حيادية وشفافية لكون هذا التأريخ بمثابة الإرث الذي تتزود منه الأجيال القيم والمبادئ الثورية.
*هل تقتصر جبهة الحواشب على منطقة المسيمير؟*
- الحواشب تضم جبهة المسيمير والملاح وكانت تعد ساحة معركة كبرى ضد الإستعمار البريطاني وقد كانت معقل الثوار الى جانب ابناء ردفان حيث شنت من على اراضيها عمليات نوعية استهدفت أرتال وجحافل المحتل وامتد نضال ابناء الحواشب في الجبهتين بمشاركة الحركة الوطنية العمالية والنقابات حتى مجيء السيد محمد عبيد الحوشبي الذي شارك في مقارعة قوات المستعمر في مواقع وطرق منطقة الراحة لتتحد قبائل بلاد الحوشبي وبإسناد من قبائل القطيبي والضنبري من آل ردفان وتشن حملات منظمة ضد فلول المستعمرين، ونتذكر المناضل محمد حيدرة المغربي الحوشبي الذي كان يقود مجموعة من الثوار وقاتل قتال الأبطال في نواحي جبال الملاح، كما نشير دور المناضل محمد عبيد الحوشبي الذي قام بمهاجمة القوات البريطانية في عدد من المناطق منها العند والملاح وردفان بالإضافة الى المسيمير، وطوال تلك المراحل كان ابناء الحواشب في مقدمة الصفوف وخاضوا معارك عنيفة ومشهودة في كل الجبهات وسطروا أروع الملاحم البطولية وهذا التأريخ ما يزال يتواصل ليتوارثه الجيل الحالي الذي يضرب اليوم أعظم مثل الفداء والتضحية بمختلف الجبهات من أجل حرية وإستقلال الوطن.
*مناضلون حواشب تتذكز أدوارهم بفخر وإعتزاز؟*
- هناك الكثير من المناضلين الحواشب الذين سطروا أنصع الملاحم البطولية وشاركوا في مختلف جبهات القتال منهم شيخ المناضلين الحواشب الفقيد الأستاذ محمد أحمد نجيب والفقيد المناضل صالح محمود هاشم والفقيد علي ناصر الشيبي والفقيد فضل علي هادي وسالمين مهدي هادي وعلي محمد الطيري وحسن علي هندي وغيرهم، ممن لاتسعفني الذاكرة لذكر أسمائهم وهم كثر، هؤلاء عاشوا طوال حياتهم يعانوا صنوف الإهمال والإقصاء والتهميش والحرمان من أبسط حقوقهم كمناضلين وطنيين قدموا كل اشكال العطاءات والتضحيات الجسيمة في سبيل أن ينعم أبناء الوطن بالحرية والإستقلال والأمن والرخاء.
*هل حظي المناضل علي صالح الطيري بالتكريم الذي يليق بمشواره الكفاحي والبطولي الطويل؟*
- الحمد لله الذي وفقنا لتقديم ما نستطيع تقديمه لهذا الوطن، والتكريم الذي نعتز ونفتخر فيه هو حب وإحترام الناس لنا والأثر الطيب الذي تركناه في نفوسهم، اما بالنسبة للأشياء الأخرى فقد حصلت على الكثير من الشهادات والأوسمة التقديرية والميداليات من قبل عدة جهات حكومية وأهلية وهيئات تعنى بأسر الشهداء ومناضلي الثورة وحرب التحرير وجميعها وأعتز وافتخر لها كثيراً.
*كلمة تحب قولها في ختام هذا اللقاء؟*
- أشكركم على إعطائي هذه الفرصة للحديث الذي احسست من خلاله بقيمة العمل النضالي الذي قدمناه في ميادين الكفاح المسلح، واعتبر هذه المساحة التي افردت لي بمثابة الوسام الذي ساتقلده على صدري متمنياً لكم دوام التقدم والتطور والنجاح في مهامكم الإعلامية النبيلة.