كتب / محمد مرشد عقابي:
أمتلأت منطقة مريب في المسيمير الحواشب محافظة لحج بمواقف الإقدام والنخوة والشهامة والرجولة والشموخ التي يسطرها ابناؤها بمختلف فئاتهم واجناسهم القبليه، لتصدر بذلك إرثها وتركتها الحافلة بالمواقف المشرفة وملاحم التضحية والبطولة الى الآخرين، "عبد القادر حيدرة ناصر" واحد من شباب مريب الذين قاوموا في حياتهم آلة الظلم والقهر والغطرسة والجور اليمنية حتى لقوا الله شهداء، شاب جند نفسه وكرس وجوده في الحياة لقتال فئة الحوثي الضآلة متنقلاً بين الجبهات رغم العاهات والظروف القاسية ومرارة الوضع الذي يعانيه.
"عبد القادر حيدرة ناصر" أحد أبطال كتيبة القائد محمد عبد الله علي الرباكي في جبهة الساحل الغربي، ينتمي هذا البطل لمنطقة مريب احدى بلدات الحواشب، إذ ترجم هذا الثائر كل معاني الفداء والتضحية بجميع مواقع الشرف والبطولة التي شارك فيها مدافعاً عن حياض الأرض والعرض والدين، ورسخ مواقف الشجاعة والإقدام في كل افعاله والتي أظهرت مدى القوة والصلابة التي يتمتع بها هذا البطل الوطني الجسور الذي شحذ هممه وحمل بندقيته مدافعاً عن عزة وكرامة الأمة.
انخرط الشهيد "عبد القادر" في صفوف المقاومة الجنوبية عام 2015م عقب أجتياح مليشيا الحوثي للجنوب ليجبر كغيره من الشباب على ترك مسار مستقبلهم ويحمل السلاح ويخرج لمواجهة الغزاة والتصدي لهم حتى تم تطهير أرض الجنوب من دنسهم وشرورهم المستطيره، وكغيره من شباب الجنوب كان يحلم بوظيفة وتكوين أسرة في وطن ينعم بالحرية ويسوده السلام والأمن لكن جحافل المليشيا اليمنية بمختلف مسمياتها عكرت صفو تلك الأحلام ودمرتها سيما بعد الإجتياح الآثم للجنوب صيف 2015م، ومحاولة فرض صورة جديدة للإحتلال والهيمنة اليمنية على أرض الجنوب تحت عباءة الحوثي.
في 2019م التحق "عبد القادر" بجبهات الساحل الغربي ملاحقاً فلول المليشيا بعد طردها من أرض الجنوب ليواصل مشوار الفداء والتضحية وفاءً للعهد الذي قطعه على نفسه بمطاردة فلول هذه الجماعة الباغية ومحاربتها حيثما حلت ورحلت فكانت وجهته الأخيرة في حياته جبهات محافظة الحديدة، ليقاتل هناك المليشيات قتال شرس ضمن كتائب لواء بسام المحضار وتحت قيادة القائد محمد الرباكي، حيث خاض في الساحل الغربي معارك عديدة ضد عناصر المليشيا المدعومة من إيران واذاقها اشكال الهزيمة والنكال، وبعد اشهر كثيرة من المواجهات والمعارك الدامية ضد المليشيات في هذه الجبهة أصيب البطل "عبد القادر حيدرة ناصر" وبالتحديد في فجر يوم الخميس "1- أكتوبر - 2020م أصيب في الرأس بشظية قذيفة هاون اطلقتها مليشيا الحوثي باتجاه الموقع الذي كان يتمركز فيه ليفارق الحياة ويلقى ربه شهيداً وهو ثابتاً على مبدأ الدفاع عن الأرض والعرض والدين محارباً لأجل هذا المبدأ أذناب وعملاء إيران.
ظل هذا البطل طيلة حياته التي كرسها للنضال والكفاح ملتزماً بالتواجد بمختلف الجبهات ومنفذاً لتوجيهات قيادته وأميناً مؤتمناً لدى زملائه متمتعاً بقدر كافي من التواضع والمرؤوة والأخلاق وحسن السيرة والسلوك، كما كان لا يهنأ العيش وهو يسمع أخبار المواجهات دون الإلتحام في جبهات العزة والفداء والبطولة، فكان سباقاً دوماً في مضمار المشاركة ضد قوى البغي والعدوان ومنطلقاً نحو الجبهات بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين مجسداً النموذج الأرقى لذلك المناضل المغوار والبطل الشديد الذي تلتهب بدواخله جذوة العزة وتشتعل في عروقه فتائل الحرية والكرامة ساخطاً حياة الذل والمهانة.
لم يعلم الشهيد "عبد القادر حيدرة ناصر" أن معظم الجنوبيين عرفوا بسالته ورجولته وبطولته في عدة محطات ومواقف ومشاهد عظيمة ونادرة الحدوث، فهو أول من حمل بندقية بالإستلاف ووثب مطارداً عصابات الإجرام غير مكترثاً للمخاطر ولم يهاب الموت في سبيل مبادئه وثوابته الوطنية والدينية والإنسانية والأخلاقية.
رحيل هذا الصنديد أثار الحمية في نفوس زملائه الذي اقسموا على السير في نفس الخط الذي سار عليه ودلف أثر خطاه والإقتداء به في البذل والعطاء والفداء والتضحية دفاعاً عن الأرض والعرص والدين.
الشهيد "عبد القادر حيدرة ناصر" أحد النماذج التي ادركت أهمية المعركة ضد مرتزقة وعملاء إيران وعصابتها الكهنوتية والسلالية التي تريد العبث بالأمن العربي وتستهدف هدم قيم الأمة ولا تقبل بالتعايش وترفض وجود الآخر، وهو ما تؤكده الوقائع التي تحدث في مناطق سيطرتها والتي لا تخفى على عاقل كما يثبت الجرائم البشعة والإنتهاكات الشنيعة التي ترتكب بشكل يومي ومتكر صحة ما نقول.
نسأل الله العلي القدير بان يتغمد الشهيد "عبد القادر حيدرة ناصر" بواسع الرحمة والمغفرة، وان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان...
إنا لله وإنا اليه راجعون.