شملت التغييرات التي اجراها محافظ عدن يوم الاربعاء قيادة مؤسسة كهرباء عدن ومدراء محطات توليد حكومية ومدراء منطقتين ومسؤولين اداريين وماليين اخرين، لكنها لم تطال الكل ممن يثار جدل وأنباء بتورطهم في أعمال ساهمت في تدهور كهرباء عدن خلال الفترة الماضية.
ويعد ذلك من اهم التحديات التي تقف أمام القيادة الجديدة لمؤسسة كهرباء عدن، إذ كان ولابد أن يطال التغيير كافة المسؤولين خاصة ممن تدور حولهم شبهات وتثار عليهم أنباء وتداولات إعلامية عن تورطهم في تنفيذ اعمال ساعدت في تدهور منظومة الكهرباء ومحطاتها الحكومية، واخرين ممن تواطؤا مع شركات أجنبية لإبقاء عدن معتمدة على الطاقة المستأجرة وتعطيل او توقيف المحطات الحكومية، فضلا عن أخرين ممن تورطوا في التزوير او الغش او رفع التقارير المفبركة عن أوضاع المحطات والتوربينات والغلايات والمولدات، واعمال الصيانة وتحديد قطع الغيار غير الملائمة، او تنفيذ إضرابات عمالية مشبوهة، بالاضافة الى اعادة النظر في الكشوفات والقوائم المالية والصرفيات والنفقات التي تصرف في غير محلها، لاسيما لتلك الاسماء الوهمية او المسافرة او غير المداومة، والبدلات والحوافز التي تنفق لغير مستحقيها وغيرها الكثير.
ونطرح هنا في عدن تايم أبرز الملفات الهامة والتحديات الماثلة على طاولة القيادة الجديدة لمؤسسة كهرباء عدن، والتي طال التغيير فيها مدير عام المؤسسة ومدراء المنطقتين الاولى والثالثة و مدير محطة الحسوة ونائبه ومدراء فنيين وماليين واداريين، على الرغم أن التغييرات كان يفترض ان تطال ايضا مدراء محطات المنصورة وشيناز والملعب وكافة المحطات الحكومية التي بات توليدها اليوم لا يتجاوز 100 ميجاوات فقط.
لعل أبرز الملفات الهامة اليوم في كهرباء عدن، هي ملف محطة عدن الجديدة او ما يعرف بمحطة الرئيس 264 ميجاوات (بترومسيلة) التي تأخر تشغيلها كثيرا، حيث كان يفترض ان يدخل جزء منها للخدمة قبل شهر رمضان بقدرة 110 ميجاوات، عبر ربطها بمحطة الحسوة، وذلك بسبب تأخر استكمال عملية ربط خطوط وشبكات تصريف الطاقة في عدن، الا ان ذلك حتى لم يتم للان، ولاسباب وظروف تكاد تكون غامضة، على الرغم مطالبة محافظ عدن من قيادة مؤسسة كهرباء عدن السابقة بتحديد موعد تشغيل المحطة.
ويكمن الملف الثاني في المحطة القطرية 60 ميجاوات، التي اثارت مشكلة توقيفها جدلا واسعا، خاصة وأن الكثير من المسؤولين والتقارير الاعلامية تؤكد ان توقيفها كان متعمدا وبفعل فاعل، لاسيما وأنها توقفت بشكل نهائي بعد نحو عام ونصف فقط على تشغيلها ولم تتجاوز ساعات تشغيلها 7000 ساعة تشغيل، عندما قررت قيادة المؤسسة حينها 2018 بضرورة اجراء صيانة لها بالرغم أن الشركة المصنعة للمحطة أكدت عدم الحاجة لصيانتها في ذلك الوقت كون ساعات تشغيلها لم يبلغ الحد المطلوب لصيانتها، الا ان قيادة كهرباء عدن رفضت كل الاصوات وأصرت على صيانتها وقتها، وهو ما اخرج المحطة عن الخدمة واوقف عملها كليا، فيما مازالت نتائج التحقيقات بشأن توقفها غامضة وغير دقيقة.
محطة المنصورة هي الاخرى من الملفات الهامة والشائكة المطروحة على طاولة القيادة الجديدة لكهرباء عدن، وهي المحطة التي لا يعمل منها اليوم سوى مولد واحد او اثنين فقط وبقدرة توليدية لا تتعدى 18 ميجا، على الرغم انها المحطة الحكومية الرئيسية التي تغذي المنظومة، اذ تدور حول محطة المنصورة شكوك واتهامات بتواطؤا قيادتها في افتعال الازمات والامتناع عن صيانة بقية المولدات وتحديدا المولدات 1 و 6 بالرغم من توفير قطع الغيار اللازمة، كما جاء في ايضاحات مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء مؤخرا.
محطة الحسوة الكهروحرارية أقدم المحطات الكهربائية الحكومية في عدن والتي تجاوزت عمرها الافتراضي، اذ يعود تاريخ جلبها (مستخدمة) من الاتحاد السوفييتي الى منتصف سبعينيات القرن الماضي، هي الأخرى تمثل تحدي امام القيادة الجديدة للمؤسسة، حيث تبلغ حاليا قدرة المحطة من التوليد 25 ميجاوات تقريبا او ربما اقل عبر احدى الغلايات المتبقية ، ترتفع قليلا في بعض الاوقات الى 45 ميجاوات في حال تم تشغيل المولد الصيني، ولكن ما يعيب هذه المحطة كثرة الاعطاب والخلال الفنية التي تتسبب بتوقفها عن العمل وخروج المنظومة برمتها عن الخدمة.
في خورمكسر هناك محطة شيناز الحكومية ايضا، التي تغذي كريتر واجزاء من خورمكسر والمعلا، وهي المحطة التي تبلغ قدرتها التوليدية اليوم 16 او 18 ميجاوات على الاكثر، في الوقت الذي يفترض ان تنتج محطة شيناز 35 الى 40 ميجاوات كحد اقصى، ولكن بسبب اعمال الصيانة الخاطئة او ربما المتعمدة، سببت بخروج مولدين او ثلاثة عن العمل، بعد ايام فقط من اجراء اعمال صيانة دورية لها، كلفت المؤسسة ملايين الريالات قبل ثلاثة اشهر.
يتبقى محطات الملعب وحجيف وخورمكسر، جميعهم محطات حكومية، ولكن ثلاثثهم لا يتعدى توليدهم اكثر من 20 ميجاوات تقريبا او اكثر بقليل، ومع ذلك ينخفض توليدهم او يتوقف عمل بعضهم مرارا، دون ابداء اسباب توضيحية.
هناك اربع شركات طاقة مستأجرة في عدن، وهي الشركات التي تثار حولها جدلا كبيرا واتهامات عديدة في ذات الوقت، لاسيما وأن جميعها يفترض ان تولد 175 ميجاوات كحد اقصى في فصل الصيف كما هو متفق عليه في العقود المبرمة معها، ومع ذلك لا تتجاوز قدرة انتاجها مجتمعة اكثر من 140 ميجاوات فقط، بينما تبلغ ايجاراتها الفصلية ملايين الدولارات، مازالت متراكمة كدين على الحكومة.
وقود كافة محطات الطاقة الحكومية في عدن مازال الديزل، بينما محطتي الحسوة والمنصورة فقط تعملان بالمازوت، وكلاهما الديزل والمازوت من المشتقات النفطية المكلفة، والتي استغنت عنها كافة الدول العربية والاجنبية منذ سنوات في انتاج الطاقة، واستبدلتها بالطاقة النظيفة او الغازية، وهو احد اهم الملفات الشائكة التي يثار حولها اتهامات بالفساد والنهب والتلاعب منذ سنوات، قبل التوصل مع السعودية الى اتفاق مؤخرا بشأن توفير الوقود عبر ما عرف بالمنحة السعودية.
محطات متهالكة وشبكة متردية وخطوط نقل وكابلات متآكلة وتسليك خارجي قديم عبر الاعمدة الهوائية الذي عفى عنه الزمن منذ مدة طويلة، وفساد متأصل ومتجذر، كل هذا في مؤسسة كهرباء عدن، التي طالها الاهمال والتسيب والتجاهل المتعمد منذ 1990 وتوسعت رقعته بعد 1994 انتقاما من عدن والجنوب من نظام احتلالي أرعن، ومركزية صنعاء الهوجاء التي بدلا من إستغلال اوضاع كهرباء عدن وتوسعتها واصلاحها، قامت بشكل متعمد وانتقامي بربط كهرباء عدن بمحافظة مأرب بحجة محطتها الغازية، وجعلت عدن تحت رحمتها، تماما كما فعلت ببقية مؤسسات ومرافق عدن الحيوية منها ومحطاتها التلفزيونية والاذاعية.