اتبع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة سياسة أقل ما يمكن وصفها بأنها خاطئة أو فادحة الخطأ، على المدى الاستراتيجي، في التعامل مع حركة الحوثيين.
وفي أحيان كثيرة كانت هذه السياسية تكشف عن إنفصام ملحوظ في تفكير صناع القرار.
ويمكن ملاحظة هذا ايضا على نفس السياسة الأمريكية في التعامل مع إيران...باعتبارها البعبع الذي يستخدم لابتزاز وتخويف الدول العربية وزعزعة أمنها واستقرارها.
لكن هذه السياسة تتغير بحدة حينما يتعلق الأمر بحليفة الغرب رقم 1 في المنطقة إسرائيل.
فالسياسه الأمريكية خاصة وهي استراتيجية ثابتة منذ نشوء إسرائيل تقوم على صنع التفوق الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة وخاصة في الجانبين العسكري والعلمي بما في ذلك امتلاك السلاح النووي،وعدم السماح مطلقا لأي دولة أخرى في المنطقة في منافسة إسرائيل منافسة قد تفضي إلى التفوق عليها.
لكن الخطأ الاستراتيجي في هذه السياسة يكمن في الاثار الأمنية والاقتصادية للتصرفات الإيرانية والحوثية على الاقتصاد العالمي كله، وليس فقط على اقتصاديات الدول العربية كمصر واليمن وخاصة الجنوب وكذلك لبنان.
في البداية صنف صانع القرار الأمريكي جماعة الحوثيين على أنهم جماعة أقرب ما تكون إلى العلمانية ويمكن الاستفادة منها "في محاربة الجماعات الإرهابية ذات المنشأ السني "، وهو نفس الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه صانع القرار هذا في دعم سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على منصات وقيادات "ثورات الربيع العربي" ظنا من "أنهم البديل الأفضل للدكتاتوريات العسكرية"!!!.
لكن الحقائق أكدت أن الإخوان والحوثيين وكل تيارات الإسلام السياسي وجهان لعملة واحدة، وأن الارهاب هو أسلوب هذه الجماعات كلها في الوصول إلى الحكم والتعامل مع المعارضين.
وإلا كيف نفسر التناقض بين قرار الرئيس الامريكي ترامب في ادراج جماعة الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية، وبين قرار الرئيس اللاحق بعده بايدن بالغاء قرار ترامب ورفع جماعة الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية!!!
كما كان ذلك فيما يخص التعامل مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وهذا ما يفسر أيضا برود التعامل العربي مع الدعوة الأمريكية لتشكيل التحالف متعدد الجنسيات لتأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
ما يجرى الآن سيؤدي الى تضخيم الحوثيين من خلال تصويرهم على "أنهم من يحكم اليمن"، بينما الحقيقة أنهم لا يحكمون إلا مناطق الشمال فقط ناقص جزء من مأرب وجزء من تعز...أي أقل من ثلث مساحة "الجمهورية اليمنية" بينما الجنوب وهو الجزء الأكبر تسيطر عليه القوات التي حررته من الحوثيين وهي القوات الجنوبية.
كما أن تضخيم الحوثيين بدلا من التعامل معهم بحسم وفقا لحجمهم الحقيقي يعطي للحوثيين طوق نجاة من تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية لملايين الجياع في اليمن، ويمنحهم فرصة قمع وارهاب الناس بحجة مواجهة العدوان الخارجي.
* باحث ومحلل سياسي وعسكري